الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على القصة المذكورة بهذه الصورة، ولكن الذي لا شك فيه أن سيدنا عثمان وسيدنا ابن مسعود رضي الله عنهما جرى بينهما خلاف بسبب تولية عثمان لزيد بن ثابت وتكليفه بجمع المصحف الشريف وكتابته، وتعيينه على رأس لجنة قامت بتلك المهمة العظيمة.
وكان عبد الله رضي الله يتطلع إلى شرف القيام بهذه المهمة العظيمة حيث يقول معترضاً على تولية زيد: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة، وإن زيداً ليأتي مع غلمان المدينة له ذؤابتان.
وعبد الله بن مسعود جدير بهذه المهمة، ولكنه لم يكن في دار الخلافة، ولعل ذلك من أسباب العدول عن توليته لجمع المصحف، وكان زيد رضي الله عنه أهلاً للمهمة، فقد كان من كتاب الوحي البارعين للنبي صلى الله عليه وسلم، وقام بجمع القرآن بأمر من الخليفة الأول أبي بكر رضي الله عنه، وكان من الحفظة البارزين، وقد ورد أن عثمان وابن مسعود رضي الله عنهما تراضيا قبل وفاة ابن مسعود بعد قدومه إلى المدينة المنورة.
قال الذهبي في السير معقباً على ما جرى: إنما شق على ابن مسعود لكون عثمان ما قدمه على كتابة المصحف، وقدم في ذلك من يصلح أن يكون ولده، وإنما عدل عنه عثمان لغيبته عنه بالكوفة، ولأن زيداً كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو إمام في الرسم، وابن مسعود إمام في الأداء، ثم إن زيداً هو الذي ندبه الصديق لكتابة المصحف وجمع القرآن، فهلا عاب على أبي بكر؟ وقد ورد أن ابن مسعود رضي وتابع عثمان ولله الحمد...
وفي السير أيضاً أن عثمان كان يزوره في مرضه الذي توفي فيه.
والله أعلم.